إشكال في كلام الشيخ الألباني في قراءة القرآن عن الوالد الميت - Kifayatullah Sanabili Official website

2020-07-16

إشكال في كلام الشيخ الألباني في قراءة القرآن عن الوالد الميت

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1/ 783 - 784 برقم 484:

 " أما أبوك فلو كان أقر بالتوحيد، فصمت و تصدقت عنه نفعه ذلك ".

أخرجه الإمام أحمد (2/ 182) حدثنا هشيم أخبرنا حجاج حدثنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

" أن العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة، و أن هشام ابن العاص نحر حصته خمسين بدنة، و أن عمرا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال " فذكره.

قلت: و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات على الخلاف المعروف في عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده. و هشيم و الحجاج كلاهما مدلس، و لكنهما قد صرحا بالتحديث، فزالت شبهة تدليسهما. و من هنا تعلم أن قول الهيثمي في " مجمع الزوائد " (4/ 192):" رواه أحمد، و فيه الحجاج بن أرطأة و هو مدلس ".فليس دقيقا، فإنه يوهم أنه قد عنعنه، و ليس كذلك كما ترى.

و الحديث دليل واضح على أن الصدقة و الصوم تلحق الوالد و مثله الوالدة بعد موتهما إذا كانامسلمين و يصل إليهما ثوابها، بدون وصية منهما. و لما كان الولد من سعي الوالدين، فهو داخل في عموم قوله تعالى (و أن ليس للإنسان إلاما سعى) فلا داعي إلى تخصيص هذا العموم بالحديث و ما ورد في معناه في الباب، مما أورده المجد ابن تيمية في " المنتقى " كما فعل البعض. و اعلم أن كل الأحاديث التي ساقها في الباب هي خاصة بالأب أو الأم من الولد، فالاستدلال بها على وصول ثواب القرب إلى جميع الموتى كما ترجم لها المجد ابن تيمية بقوله " باب وصول ثواب القرب المهداة إلى الموتى " غير صحيح لأن الدعوى أعم من الدليل، و لم يأت دليل يدل دلالة عامة على انتفاع عموم الموتى من عموم أعمال الخير التي تهدى إليهم من الأحياء، اللهم إلا في أمور خاصة ذكرها الشوكاني في " نيل الأوطار " (4/ 78 - 80)، ثم الكاتب في كتابه " أحكام الجنائز و بدعها " يسر الله إتمام طبعه، من ذلك الدعاء للموتى فإنه ينفعهم إذا استجابه الله تبارك و تعالى.

فاحفظ هذا تنج من الإفراط و التفريط في هذه المسألة، و خلاصة ذلك أن للولد أن يتصدق و يصوم و يحج و يعتمر و يقرأ القرآن عن والديه لأنه من سعيهما، و ليس له ذلك عن غيرهما إلا ما خصه الدليل مما سبقت الإشارة إليه. و الله أعلم.

 

قلت (السنابلي):

الإشكال هو أن الصوم (في النذر) والصدقة والحج عن الوالد الميت، فقد ثبت من الأحاديث الصحيحة، لكن القرآء ة عن الوالد الميت، فأين الدليل علي ذلك؟

فان قيل: الولد من سعي الوالد، وقال تعالي:

(وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَي) (النجم: 53/ 39)

فمامعني الحصر في هذه العبادات؟ ألا يمكن أن يقال بأن الولد له أن يتصدق و .. و .. و .. يضحي ويصوم في النذر وغيره ويصلي و .. و .. عن والده الميت؟ لأنه من سعيه!

ومن ثم إشكال آخرهو أنه اذا جاز أن يقال بأنه يصل الثواب لجميع الطاعات التي يقوم بها الولد الي والده الميت، لأنه من سعيه؛ فهل يجور أن يقال بأنه يصل الذنب لجميع المعاصي التي يقوم بها الولد الي والده الميت؟ لأنه من سعيه!

ولاحظ أنه قد ثبت وصول بعض الذنب من الحي إلي الميت أيضا كما ثبت وصول بعض الثواب من الحي إلي الميت كما يستفاد من حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم: ... من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء [أخرجه مسلم (2/ 704) رقم 1017]

وصح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أيضا: لا تقتل نفس ظلما إلا كان علي ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه أول من سن القتل [أخرجه البخاري: (11/ 493) رقم 3335]

 

فالصواب -والله أعلم - أن يقال بأنه لايصل الثواب أوالذنب من أعمال الولد إلي والده الميت الاماقام عليه الدليل الصحيح، لأنه قال تعالي أيضا:

(يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ) (الشعراء: 26/ 88)

وقال أيضا:

(الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) (الكهف: 18/ 46)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

''ومحمد صلي الله عليه وسلم هو الداعي إلي ما تفعله أمته من الخيرات فما يفعلونه له فيه من الأجر مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء. ولهذا لم تجر عادة السلف بأن يهدوا إليه ثواب الأعمال لأن له مثل ثواب أعمالهم بدون الإهداء من غير أن ينقص من ثوابهم شيء. وليس كذلك الأبوان فإنه ليس كل ما يفعله الولد يكون للوالد مثل أجره وإنما ينتفع الوالد بدعاء الولد ونحوه مما يعود نفعه إلي الأب كما قال في الحديث الصحيح: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له) '' [مجموع الفتاوي: (1/ 191)]

 

وقال شيخ الإسلام رحمه الله أيضا:

فلم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعا وصاموا وحجوا أو قرء وا القرآن يهدون ثواب ذلك لموتاهم المسلمين ولا لخصوصهم بل كان عادتهم كما تقدم فلا ينبغي للناس أن يعدلوا عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل والله أعلم.

[مجموع الفتاوي (24/ 323)]

 (أبوالفوزان كفايت الله السنابلي)

 

No comments:

Post a Comment